Categories

Tuesday 31 July 2012

مقابلة مع أحلام بشارات


عندما قمت بالإتصال بأحلام بشارات، مؤلفة إسمي الحركي فراشة، لأطلب منها أن تجيب عن بعض الأسئلة المتعلقة بعملها ككاتبة وبروايتها إسمي الحركي فراشة، نصحتني أن أقوم بإعادة نشر مقابلة كانت قد أجريت معها في مجلة طيف، وهي مجلة معنية بأدب الأطفال الفلسطيني تصدر مرتين في السنة عن مركز الموارد الخاص بمؤسسة تامر للتعليم المجتمعي في رام الله فلسطين. وتضمن العدد الخامس العشر الذي نشر في العام 2010 ملف كامل حول رواية إسمي الحركي فراشة، فيه مقابلة مع أحلام بشارات، مقالات عن الرواية  وتغطية لحادثة منع الرواية في طوباس كما تضمن مقالات اخرى تتناول مواضيع متنوعة ذات صلة بأدب الأطفال، وهي جديرة بالقراءة.

لقد قمت بإختيار بعض المقاطع من هذه المقابلة الغنية، بإذن من مؤسسة تامر التي تكرمت بالسماح لي بأن أنشر هذه المقتطفات. لو كنتم ترغبون بقراءة المقابلة بالكامل والإطلاع على هذا العدد من مجلة الطيف، يمكنكم الإتصال بي على بريدي الإلكتروني الخاص: ska00ster@gmail.com

أحلام بشارات، الكاتبة والقاصة الفلسطينية، كيف كان إنتقالك الى الكتابة في أدب الأطفال؟ وما هي البداية؟

قبل أيام إلتقيت فوفو في الطريق صباحاً، كانت تربط قرنين جميلين وتحمل في يدها ورقة. ظننت في البداية أنها كتبت سؤالا في الورقة ستسأله لرفاقها في الروضة مثلما يفعل أخوها مجد، فمجد كل يوم يكتب سؤالا على ورقة ويسأله لرفاقه في الطابور الصباحي. لم تكن ورقة فوفو تحمل سؤالاً إذاً، بل تقول الورقة التي أعطتني إياها بكل ثقة وكأنه قد كتب فيها "فوفو أميرة الروضة": "هناك واحدة تضرب فوفو كل يوم، وفوفو تبكي كل صباح وتقول لا أريد أن أذهب الى الروضة".
سألت فوفو من باب الفضول، "من هي يا فوفو؟"
ردت فوفو بفخر: "بتول"
هكذا تورطت في تلك الورطة المغرية، عندما صرت أتحدث مع فوفو كل صباح أحاديث من هذا النوع..

أدب الفتيان وتحدياته مغامرة كبرى في إعتقادي، خصوصاً في مجتمع فلسطيني لم يؤمن بعد بهذه الفئة ولم يوليها حتى الآن الإهتمام اللازم أدبيا وإجتماعياً، كيف ولدت روايتك الأولى "إسمي الحركي فراشة" في واقع مشابه؟
عالم الفتيان والأطفال عالم غامر، متخم بالأسئلة والحركة والمغامرة، وطبيعة التربية في مجتمعنا الفلسطيني والعربي ككل جعلت هذا العالم مغموراً داخل صدفة، لذا بالفعل فإن إختراق هذه الصدفة ليس سهلاً، سيما وأن هناك حماة لتلك الصدفة يتخدون من التربية والوصاية والتشبث بالدين والقيم وتقاليد المجتمع ذرائع كي يمنعوا أي يد تمتد لتلمسها مجرد لمس. نحتاج لتحول في التعاطي مع المفاهيم السابقة كي نقترب أدبياً وإجتماعياً لمخاطبة اللؤلؤة المخبأة هناك دون أن نتهم بأن غرضنا هو الإساءة إليها أو تشويهها، وربما سرقتها لأغراض شخصية.
لم تكن ولادة الفراشة سهلة في مثل هذا الواقع، وقد وعيت تلك الصعوبة أثناء ولادتها التي كانت شبيهة بمخاض، خلاله كان جناحا الفراشة يرتطمان بالجدران ويصدران صوتاً صاخباً. كانا ضعيفين في البداية ثم صارا صلبين. لقد راقبت ذلك التحول وصنعته، لأني أغرمت بالفعل بذلك الكائن المختبىىء هناك.

لماذا إختارت البطلة في روايتك أن تحتفظ بأسئلتها في محفظة ولم تشارك بها احدا؟ هل لهذا علاقة ربما بعدم الثقة بالأخرين في هذه المرحلة العمرية؟ أم له علاقة بأسئلة الفتيات تحديداً في هذه المرحلة والتي إما قد لا تجد الإجابة المناسبة، أم ان أسئلة هذه الفتاة قد لا تلقى قبولاً أصلاً في مجتمع فلسطيني يحاصر الفتيات؟

بطلة الفراشة فتاة ذكية ومغامرة، وقد خبأت تلك الأسئلة لأنها ظنت بطريقة ما أنها عالمها، سيما وهي لا تجد إجابات مقنعة ولا مجيبين حاضرين، أرادت الفراشة أن تحتمي خلف إكتشاف الأسئلة على إعتبار أن مهمة إكتشاف السؤال أخطر وأكثر إلهاماً من فعل الإجابة عليه، فالإجابة تصنع حداً، بينما السؤال يفتح أفقاً للتوقع. وفي هذا العمر تحديداً تكون مساحة التوقع هي المكان الحقيقي لأنها مساحة الأحلام والأماني التي نتمنى نحن الكبار إستعادتها ونفشل، فنرجع للبحث عن الطفل فينا كي يساعدنا في تلك المهمة.

في روايتك حديث عن علاقة الفتاة البطلة بوالدها الذي يعمل في مستوطنة، وهذه العلاقة كانت لها أسئلتها الخاصة بها لدى بطلتنا، وهي حالة تثير تساؤلات عديدة في مجتمعنا الذي يرفض هذه المستوطنات ويعتبر وجودها غير شرعي، ما هو برأيك دور هذه الرواية الموجهة للفتيان في توضيح أو تبرير العلاقة الشائكة بين رفض المستوطنات والعمل فيها؟ وهل كان استحضار هذه الشخصية متعمداً للوصول في النهاية الى نتيجة معينة؟

أتشارك مع الفراشة هذا السؤال الذي قد يبدو ساذجاً: "كيف سنتحرر من الأحتلال وهو يكبلنا بقيود التبعية الإقتصادية؟" الإحتلال يسرق منا كل يوم شبراً وأمنية. وأكثر ما أخشاه أن يسرق منا رغبتنا في التحرر منه. وهذا ما يحصل بالفعل حاليا. إنه ينسينا ما نريد، ويحولنا الى أحياء بواقع جديد غير مغضوب عليه. أنا ككاتبة لدي مسؤولية أن أفضح خديعتنا الإجتماعية الذاهبين في طريقها مثل خروف ماض الى ذبحه وكأنه ذاهب في نزهة غير جميلة. لقد رفعنا شعارات كثيرة: لا للبضائع الإسرائيلية، لا للعمل عند الإحتلال، لا لتهويد القدس، ولا ولا ولا. نكرر اللاءات والأمور تمشي وكأننا حفظنا اللاءات عن ظهر قلب الى حد أن القلب لم يعد يفهم ما الذي يردده اللسان، "وما فعلته أنت" قد تسألين: ما أردته هو إستعادة الطريق الواصلة بين اللسان والقلب، أريد تحرير تلك المساحة، مساحة القلب. أريد أن أسترد تلك الرغبة في التحرر وأهبها للجيل القادم الذي أصر أن أراهن عليه.

أحلام بشارات، كاتبة وقاصة فلسطينية ولدت العام 1975 في قرية طمون في جنين. حازت على شهادة ماجستير في الأدب العربي من كلية الآداب في جامعة النجاح الوطنية في نابلس وبدأت رحلتها في عالم الأدب والكتابة ككاتبة قصص قصيرة ففازت بجوائز عديدة في هذا المجال. وقد قامت بنشر ثلاث قصص للاطفال ورواية لليافعين هي إسمي الحركي فراشة.  من أبرز الجوائز التي حازت عليها في مجال الكتابة للأطفال جائزة العودة لأدب الأطفال في العام 2008 عن قصتها "شباك الزينكو" وهذه الجائزة يعطيها المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين كما أن رواية إسمي الحركي فراشة وضعت ضمن قائمة الشرف للمجلس الدولي لكتب اليافعين للعام 2012، و هي قائمة تصدر كل سنتين وتتضمن نخبة من الكتب المميزة والصادرة حديثاً من أكثر من سبعين دولة في العالم.

1 comment:

  1. Dear Kevin,
    Thank you for the kind words. I will try to keep it up.

    ReplyDelete